((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)) ـ حديث شريف ـ
فهل ترك ((خليل)) علما ينتفع به؟ وهل ما طرحه من أفكار ونظريات تنم عن كونه مفكرا أو مجتهدا أو مبدعا؟
لقد قمت منذ ما يقرب من ثلاث سنوات بقراءات في فكر خليل عبد الكريم من خلال ما ورد في مجموعة كتبه الصادرة في فترات متلاحقة وهي:
محمد والصحابة ـ الصحابة والصحابة ـ الصحابة والمجتمع.
وفي كتبه الثلاث نال من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام البررة، مزيلاً عنهم كل ما يوجب احترام الأمة، ولم يسلم من طعونه وقذفه كبار الصحابة من الخلفاء
الراشدين الأربعة وبقية العشرة المبشرين بالجنة، وأهل بدر وأهل بيعة الرضوان فاعتبرهم في مستوى حضاري خفيض لا يؤهلهم أن يكونوا في مستوى حاكم أو خليفة للنبي، بالإضافة إلى مستواهم الإدراكي والعقلي الضعيف.
ثم يتهمهم بـ (هبش) الفرص الاقتصادية بواسطة القمة المتربعة على الهرم الاجتماعي
تحت مسميات مختلفة ومعاذير متباينة (السابقون الأولون ـ أهل بدر ـ المهاجرون ـ أهل بيعة الرضوان...)
وهو ينظر إلى الفتوحات الإسلامية من منظور الطمع بالغنائم متهما الصحابة صراحة بكسح
(وكشط) البلاد المفتوحة ونهب خيراتها وسبي نسائها والتلذذ والتمتع بجواريها
وقد قدمت مدخلا في كتابي حول المصادر التاريخية التي اعتمد عليها (خليل) فيما نقله من روايات وأخبار، أثبتّ من خلالها أن تلك الكتب التي اعتمد عليها كانت تنقل الروايات والأخبار من الرواة دونما تمييز بين الغث والسمين منها، ودونما إخضاعها لمناهج النقد عن المحدثين، ولذلك أصبحت تلك الروايات ساقطة، وبناء على ذلك تسقط كل مزاعم (خليل) وافتراءاته.
ورسالته لم تكن سوى وسيلة لتحقيق حلم قديم لجد المصطفى ـ صلى الله علية وسلم ـ (قصي) في إقامة دولة قريش.
وقام بالطعن في الحدود الشرعية معتبرا إياها غير مناسبة للعقوبات المرتكبة، وقام بنسبتها إلى العرب قبل الإسلام.
وهكذا جمعت هذه القراءات والردود على فكر (خليل) في كتاب نشرته دار الكتبي في مصر صدرت طبعته الأولى ونفذت في عام (2001) م، وتم ذلك في حياة خليل ولا شك أنه سمع به واطلع على ما جاء فيه.
ثم صدرت لـ(خليل) كتب أخرى في فترة لاحقة منها:
وبعد ذلك يمكنني الرد على ما طرحته من تساؤل في البداية (هل ترك خليل علماً نافعاً؟
وهل نعتبر خليل مفكراً أو مجتهداً؟)
فما وجدت خليل بعد قراءتي لفكره وأفكاره إلا (ناقلاً ومردداً ومبشراً) إذ هو لم يأت بجديد
بل نقل لنا وأعاد ما ردده الماديون والماركسيون والمستشرقون من مطاعن في الإسلام وتشريعه، وبشّر بأفكار يوسف الحداد وأبو موسى الحريري وأمثالهما ممن حاول إثبات أن الإسلام دعوة نصرانية وأن القرآن هو النسخة العربية من الإنجيل وما محمد إلا تلميذ نجيب لبطريرك مكة ورقة بن نوفل.
وختاماً أقول: لقد رحل الرجل وترك هذه الآثار بين ظهرانينا، وأصبح بين يدي أعدل
الحاكمين، ولا أقول فيه إلا ما قاله صاحب الجوهرة:
ومن يمت ولم يتب من ذنبه | فأمره مفوض لربه |